سورة السجدة - تفسير تفسير السيوطي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (السجدة)


        


{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}
أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن أبي هريرة رضي الله عنه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان عرش الله على الماء، فاتخذ جنة لنفسه، ثم اتخذ دونها أخرى، ثم أطبقهما لؤلؤة واحدة، ثم قال: ومن دونهما جنتان لم يعلم الخلق ما فيهما، وهي التي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} يأتيهم فيها كل يوم تحفة.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: إنه لمكتوب في التوراة «لقد أعد الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم ترَ عين، ولم تسمع أذن، ولم يخطر على قلب بشر، ولا يعلم ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وإنه لفي القرآن {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد كلاهما في الزهد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن الأنباري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال أبو هريرة رضي الله عنه: اقرأوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الواحد رضي الله عنه قال: بلغني أن الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة، ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول له: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب. فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا مزيد، فيمكث معها سبعين سنة، ويلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول: قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب فيقول: من أنت؟ فتقول: أنا التي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال: إن الرجل من أهل الجنة ليجيء فيشرف عليه النساء فيقلن: يا فلان بن فلان ما أنت حين خرجت من عندنا بأولى بك منا فيقول: من أنتن؟! فيقلن: نحن من اللاتي قال الله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون}.
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال: يدخلون عليهم على مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات، معهم التحف من الله من جنات عدن مما ليس في جناتهم. وذلك قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال: سأصف لكم منزل الرجل من أهل الجنة كان يطلب في الدنيا حلالاً، ويأكل حلالاً، حتى لقي الله على ذلك، فإنه يعطى يوم القيامة قصراً من لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع ولا وصل، فيها سبعون ألف غرفة، وأسفل الغرف سبعون ألف بيت، في كل بيت سقفه صفائح الذهب والفضة ليس بموصول، ولولا أن الله سخر له النظر إليه لذهب بصره من نوره، عرض الحائط اثنا عشر ميلاً، وطوله في السماء سبعون ميلاً، في كل بيت سبعون ألف باب يدخل عليه، في كل بيت من كل باب سبعون ألف خادم لا يراهم من في هذا البيت، ولا من في هذا البيت، فإذا خرج في قصره صار في ملكه مثل عمر الدنيا، يسير في ملكه عن يمينه وعن يساره ومن ورائه، وأزواجه معه وليس معه ذكر غيره، ومن بين يديه ملائكة قد سخروا له بينه وبين أزواجه ستر، وبين يديه ستر ووصفاء ووصائف قد أفهموا ما يشتهي وما يشتهي أزواجه، ولا يموت هو ولا أزواجه ولا خدامه أبداً، نعيمهم يزداد كل يوم من غير أن يبلى الأول، وقرة عين لا تنقطع أبداً، لا يدخل عليه فيه روعة أبداً.
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لو أن آخر أهل الجنة رجلاً أضاف آدم فمن دونه، ووضع لهم طعاماً وشراباً حتى يخرجوا من عنده لا ينقصه ذلك مما أعطاه الله».
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والطبراني وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق أبي صخر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: «بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصف الجنة حتى انتهى، ثم قال» فيهما ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر «، ثم قرأ {تتجافى جنوبهم عن المضاجع...} قال أبو صخر: فذكرته للقرظي فقال: إنهم أخفوا عملاً، وأخفى الله لهم ثواباً، فقدموا على الله فقرت تلك الأعين».
وأخرج ابن جرير عن أبي اليمان الهذلي قال: الجنة مائة درجة، أولها درجة فضة، وأرضها فضة، وآنيتها فضة، وترابها المسك. والثانية ذهب، ومساكنها ذهب، وآنيتها ذهب، وترابها المسك. والثالثة لؤلؤ، وأرضها لؤلؤ، ومساكنها لؤلؤ، وآنيتها لؤلؤ، وترابها المسك. وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، وتلا هذه الآية {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين..}.
وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طريق الحاكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال: «يؤتى بحسنات العبد وسيئاته، فيقتص بعضها من بعض، فإن بقيت حسنة واحدة أدخله الله الجنة» قال: فدخلت على يزدان فحدث بمثل هذا فقلت: فإن ذهبت الحسنة؟ قال: {أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم} [ الأحقاف: 16] قلت: أفرأيت قوله: {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} قال: هو العبد يعمل سراً أسره إلى الله لم يعلم به الناس، فأسر الله له يوم القيامة {قرة أعين}.
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن أدنى أهل الجنة حظاً قوم يخرجهم الله من النار برحمته بعد أن يحترقوا، يرتاح لهم الرب أنهم كانوا لا يشركون بالله شيئاً، فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل حتى إذا رجعت الأرواح إلى أجسادها قالوا: ربنا كالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار، فيصرف وجوههم عن النار، ويضرب لهم شجرة ذات ظل وفيء فيقولون: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى ظل هذه الشجرة، فينقلهم إليها، فيرون أبواب الجنة فيقولن: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى أبواب الجنة، فيفعل فإذا نظروا إلى ما فيها من الخيرات والبركات قال: وقرأ أبو هريرة رضي الله عنه {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين} قالوا: ربنا كالذي أخرجتنا من النار فادخلنا الجنة قال: فيدخلون الجنة، ثم يقال لهم: تمنوا فيقولون: يا رب اعطنا حتى إذا قالوا: يا ربنا حسبنا قال: هذا لكم وعشرة أمثاله».
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي وابن جرير والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم «أن موسى عليه السلام سأل ربه فقال: رب أي أهل الجنة أدنى منزلة؟ فقال: رجل يجيء بعدما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل. فيقول: كيف ادخل وقد نزلوا منازلهم، وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: اترضى أن يكون لك مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا؟ فيقول: نعم. أي رب قد رضيت فيقال له: فإن لك هذا وعشرة أمثاله معه فيقول: أي رب رضيت فيقال له: فإن لك من هذا ما اشتهت نفسك، ولذت عينك، فقال موسى عليه السلام: أي رب فأي أهل الجنة ارفع منزله؟ قال: إياها أردت وسأحدثك عنهم إني غرست كرامتهم بيدي، وختمت عليها فلا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، قال: ومصداق ذلك في كتاب الله تعالى {فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين}».


{أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لَا يَسْتَوُونَ (18) أَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَى نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (19) وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَاهُمُ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (20)}
أخرج أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: أنا أحد منك سناناً، وأبسط منك لساناً، وأملأ للكتيبة منك، فقال له علي رضي الله عنه: اسكت فإنما أنت فاسق. فنزلت {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون} يعني بالمؤمن: علياً. وبالفاسق: الوليد بن عقبة بن أبي معيط.
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال: نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب، والوليد بن عقبة بن أبي معيط قال: كان بين الوليد وبين علي كلام فقال الوليد بن عقبة: أنا أبسط منك لساناً، وأحمد منك سناناً، وأرد منك للكتيبة، فقال علي رضي الله عنه: اسكت فانك فاسق. فأنزل الله: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون...}.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون...} قال: نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه، والوليد بن عقبة.
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً} قال: أما المؤمن: فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأما الفاسق: فعقبة بن أبي معيط، وذلك لسباب كان بينهما، فأنزل الله ذلك.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون} قال: لا في الدنيا، ولا عند الموت، ولا في الآخرة. وفي قوله: {وأما الذين فسقوا} قال: هم الذين أشركوا وفي قوله: {كنتم به تكذبون} قال: هم يكذبون كما ترون.


{وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21)}
أخرج الفريابي وابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: يوم بدر {دون العذاب الأكبر} قال: يوم القيامة {لعلهم يرجعون} قال: لعل من بقي منهم يرجع.
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: سنون اصابتهم {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون.
وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا واللزوم والبطشة والدخان.
وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال: سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن قول الله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} فقال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال: «هي المصائب والاسقام والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت: يا رسول الله فما هي لنا؟ قال: زكاة وطهور».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: مصائب الدنيا وأسقامها وبلاياها، يبتلي الله بها العباد كي يتوبوا.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: أشياء يصابون بها في الدنيا {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} قال: الحدود {لعلهم يرجعون} قال: يتوبون.
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب الدنيا وعذاب القبر.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: القتل والجوع لقريش في الدنيا، والعذاب الأكبر يوم القيامة في الآخرة.
وأخرج هناد عن أبي عبيدة في قوله: {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى} قال: عذاب القبر.

1 | 2 | 3 | 4 | 5